ما يقوم به المربون والأساتذة والعلماء من مهام في خدمة العلم والمعربية و تربية الأجيال وغرس بذور الخير في نفس الطلبة، والتلاميذ رعاية وعناية، هذه البذور ثروة لا تقدر بثمن، تنمو وتنمو لتؤتي أكلها في خدمة الناس والمجتمع ولو بعد حين، كما يأمل عدد كبير من الأساتذة وهم يتعاملون مع طلبتهم، ويرووهم معاني الأصل وفوائد العصر، ويغمرونهم بالحب والوداد ليروهم نماذج تحتذى، ناجحين في حالهم ومآلهم.
وقد أمضى الدكتر عبد الفتاح الفريسي سنوات طويلة في التربية والتعليم، وراكم تجربة خلدتها ذكريات جمعته مع طلبة من كل الأعمار، ولا يملك المتابع لمسيرة الشيخ إلا أن يشعر بالفخر والاعتزاز الضمخين بحمد الله وشكره وعنايته وتوفيقه، ويتجدد هذا الإحساس كلما لمح المتابع إطارا عاليا ما في ميدان من ميادين نفع الناس، إماما خطيبا، ، أو معالجا طبيبا ، أ مهندسا خبيرا، أو أميرا محنكا، وقد كان بالأمس القريب تلميذا يافعا، وأما عمن أخذ عنه من السيدات والآنسات الفضيليات فلا حصر لهن، في دار القرآن عبد الحميد احساين حينما كان مدرّسا بها، وفي مؤسسة البشير للتعليم العتيق ومعهد الريفي للدراسات القرآنية حينما كان مديرا عاما بهما.
ومن معالم العناية الربانية التي أولى الله بها الدكتر الفريسي أنه حُبب إليه التعليم وهو في حداثة سن وريعان شبابه، حيث تطوع لمراجعة الدروس والمقررات التعليمية لزملائه في الإعدادية والثانوية، كما تطوع لتدريس القرآن الكريم وقواعد التجويد في المساجد ودور الشباب بحي التقدم بمدينة الرباط، وبطلب من بعض الأسر كان الفريسي لا يتأخر عن تدريس وتعليم أبنائها وتلقينهم.
وفي الجامعة كان الدكتور عبد الفتاح الفريسي ينوب عن شيوخه، وهو طالب علم، في إعادة ومراجعة الدروس العلمية التي كانوا يقدمونها برحاب جامعة محمد الخامس بالرباط ودار الحديث الحسنية بالرباط، ونستحضر هنا العطف الأبوي الكبير الذي كان الشيخ الدكتور التهامي الراجي الهاشمي يخص به الشيخ الفريسي، فقد كان يعول عليه كثيرا في شرح المسائل القرائية، وتبسيط القواعد العلمية، ويقول لطلبته: “اسألوا الفريسي عن ما غاب عنكم”.
وتلاميذ الفريسي طبقات، منهم المبتدئ والمنتهي، ومنهم المتقدم والمتأخر، ومنهم الذكر والأنثى، ولا يمكن بحال من الأحوال أن نحصر عددهم، ولا أن نرصد أشخاصهم، ويكفي من أراد ذلك أن يراجع سير العلماء الشباب والخطباء والقراء المتقدمين والمجودين والمهتمين.