للمثل مكانة عظيمة وأهمية كبيرة عند العرب قبل الإسلام وبعده، فهو حكمتها، ودليل من أدلة بيانها وفصاحتها، وضرب من ضروب بديعها، وجوامع كلمها، وله تأثير قوي على النفوس الضالة، والقلوب النافرة، بما يقدمه من إعانة على الفهم، واستثارة للذهن، وتقريب للمعاني، وإبراز للحقائق، في صور بديعة، وألفاظ بليغة، لهذا دأب العلماء والأدباء في يتتبعون ما جاء في القرآن الكريم من أمثال العرب وحكمه، وألفوا في ذلك المؤلفات العديدة، وتنافسوا في ذلك نظرا لما للمثل من فوائد جليلة.
ويأتي كتاب: “الأمثال الكامنة في القرآن الكريم” للحسين بن الفضل (ت282هـ) في رأٍ قائمة الكتب المؤلفة في هذا الباب، وقد رام صاحبه من خلاله أن يجمع بين الآيات القرآنية وأمثال العرب، يسأل عن المثل العربي ثم يجيب عن ذلك بما يوافقه من آي القرآن الكريم.
ومما جاء في الكتاب، أن أحدهم قال للحسين بن الفضل: إنك تخرج أمثال العرب والعجم من القرآن،فهل تجد في كتاب الله : خير الأمور أوسطها؟
قال: نعم ؛ في أربعة مواضع :
1) ” لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك “.
2) ” والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما “.
3) ” ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط”.
4) ” ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا “.
فقيل: فهل تجد: من جهل شيئا عاداه ؟ قال: نعم في موضعين:
1) “بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه”.
2) “وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم”.
فقيل : فهل تجد : احذر شر من أحسنت إليه؟ قال : نعم.. “وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله “.
قيل : فهل تجد : ليس الخبر كالعيان ؟ قال: نعم .. “أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي “.
قيل : فهل تجد : في الحركة بركة ؟ قال : نعم .. “ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة “.
قيل : فهل تجد: كما تدين تدان؟ قال: نعم .. “من يعمل سوءا يجز به “.
قيل : فهل تجد : حين تلقى ندري ؟ قال : نعم.. “وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا “.
قيل : فهل تجد : لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ؟ قال : نعم .. “هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل “.
قيل : فهل تجد : من أعان ظالما سلط عليه ؟ قال: نعم .. “كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير “.
قيل: فهل تجد فيه : لا تلد الحية إلا حية ؟ قال: نعم .. “ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا “.
قيل: فهل تجد فيه : للحيطان آذان ؟ قال: نعم ..: “وفيكم سماعون لهم “.
قيل: فهل تجد فيه :الحلال لا يأتيك إلا قوتا، والحرام لا يأتيك إلا جزافا ؟ قال: نعم .. ” إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم “.